لئن أقمتم الصلاة لأكفرن عنكم سيئاتكم، وتضمن شرطا آخر لقوله: " لأكفرن " أي إن فعلتم ذلك لأكفرن. وقيل: قوله " لئن أقمتم الصلاة " جزاء لقوله: " إني معكم " وشرط لقوله: " لأكفرن " والتعزير: التعظيم والتوقير، وأنشد أبو عبيدة:
وكم من ماجد لهم كريم * ومن ليث يعزر في الندي أي يعظم ويوقر. والتعزير: الضرب دون الحد، والرد، تقول: عزرت فلانا إذا أدبته ورددته عن القبيح. فقوله: " عزرتموهم " أي رددتم عنهم أعداءهم. (وأقرضتم الله قرضا حسنا) يعني الصدقات، ولم يقل إقراضا، وهذا مما جاء من المصدر بخلاف المصدر كقوله: (والله أنبتكم من الأرض نباتا) (1)، (فتقبلها ربها بقبول حسن) وقد تقدم (2). ثم قيل:
(حسنا) أي طيبة بها نفوسكم. وقيل: يبتغون بها وجه الله. وقيل: حلالا. وقيل: (قرضا) اسم لا مصدر. (فمن كفر بعد ذلك منكم) أي بعد الميثاق. (فقد ضل سواء السبيل) أي أخطأ قصد الطريق. والله أعلم.
قوله تعالى: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين (13) قوله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم) أي فبنقضهم ميثاقهم، " ما " زائدة للتوكيد، عن قتادة وسائر أهل العلم، وذلك أنها تؤكد الكلام بمعنى تمكنه في النفس من جهة حسن النظم، ومن جهة تكثيره للتوكيد، كما قال:
* لشئ ما يسود من يسود *