شرعه ترك الرجم، وجعلهم بدل رجم المحصن جلد أربعين تغييرا لحكم الله عز وجل.
و " يحرفون " في موضع الصفة لقوله " سماعون " وليس بحال من الضمير الذي في " يأتوك " لأنهم إذا لم يأتوا لم يسمعوا، والتحريف إنما هو ممن يشهد ويسمع فيحرف. والمحرفون من اليهود بعضهم لا كلهم، ولذلك كان حمل المعنى على " من الذين هادوا " فريق سماعون أشبه. (يقولون) في موضع الحال من المضمر في " يحرفون ". (إن أوتيتم هذا فخذوه) أي إن أتاكم محمد صلى الله عليه وسلم بالجلد فأقبلوا وإلا فلا.
الثامنة - قوله تعالى: (ومن يرد الله فتنته) أي ضلالته في الدنيا وعقوبته في الآخرة. (فلن تملك له من الله شيئا) أي فلن تنفعه. (أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) بيان منه عز وجل أنه قضى عليهم بالكفر. ودلت الآية على أن الضلال بمشيئة الله تعالى ردا على من قال خلاف ذلك على ما تقدم، أي لم يرد الله أن يطهر قلوبهم من الطبع عليها والختم كما طهر قلوب المؤمنين ثوابا لهم. (لهم في الدنيا خزي) قيل: هو فضيحتهم حين أنكروا الرجم، ثم أحضرت التوراة فوجد فيها الرجم. وقيل: خزيهم في الدنيا أخذ الجزية والذل. والله أعلم.
قوله تعالى: سماعون للكذب أكالون للسحت فإن جاءوك فأحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فأحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين (42) فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: (سماعون للكذب) كرره تأكيدا وتفخيما، وقد تقدم (1).
الثانية - قوله تعالى: (أكالون للسحت) على التكثير. والسحت في اللغة أصله الهلاك والشدة، قال الله تعالى: " فيسحتكم بعذاب " (2). وقال الفرزدق: