مربوب ولست برب وعابد ولست بمعبود. ثم قال: " إن كنت قلته فقد علمته " فرد ذلك إلى علمه وقد كان الله عالما به أنه لم يقله ولكنه سأله عنه تقريعا لمن اتخذ عيسى إلها. ثم قال: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) أي تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك. وقيل: المعنى تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم وقيل: تعلم ما أخفيه ولا أعلم ما تخفيه.
وقيل: تعلم ما أريد ولا أعلم ما تريد وقيل: تعلم سري ولا أعلم سرك لان السر موضعه النفس. وقيل: تعلم ما كان مني في دار الدنيا ولا أعلم ما يكون منك في دار الآخرة قلت: والمعنى في هذه الأقوال متقارب أي تعلم سري وما انطوى عليه ضميري الذي خلقته ولا أعلم شيئا مما استأثرت به من غيبك وعلمك. (إنك أنت علام الغيوب) ما كان وما يكون وما لم يكن وما هو كائن قوله تعالى: ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد (117) قوله تعالى: (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) يعني في الدنيا بالتوحيد. (أن اعبدوا الله) " أن " لا موضع لها من الاعراب وهي مفسرة مثل " وانطلق الملا منهم أن امشوا " (1) [ص: 6].
ويجوز أن تكون في موضع نصب أي ما ذكرت لهم إلا عبادة الله. ويجوز أن تكون في موضع خفض أي بأن اعبدوا الله وضم النون أولى لأنهم يستثقلون كسرة بعدها ضمة والكسر جائز على أصل التقاء الساكنين قوله تعالى: (وكنت عليهم شهيدا) أي حفيظا بما أمرتهم. (ما دمت فيهم) " ما " في موضع نصب أي وقت دوامي فيهم. (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم) قيل: هذا يدل على أن الله عز وجل توفاه أن يرفعه وليس بشئ لان الاخبار تظاهرت برفعه وأنه في السماء حي وأنه ينزل ويقتل الدجال على ما يأتي بيانه وإنما المعنى