السابعة عشرة - قوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا) تأكيد للتحريم، وتشديد في الوعيد، وامتثال للامر، وكف عن المنهي عنه، وحسن عطف " وأطيعوا الله " لما كان في الكلام المتقدم معنى انتهوا. وكرر " وأطيعوا " في ذكر الرسول تأكيدا. ثم حذر في مخالفة الامر، وتوعد من تولى بعذاب الآخرة، فقال: " فإن توليتم " أي خالفتم (فإنما على رسولنا البلاغ المبين) في تحريم ما أمر بتحريمه وعلى المرسل أن يعاقب أو يثيب بحسب ما يعصى أو يطاع.
قوله تعالى: ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين (93) فيه تسع مسائل:
الأولى - قال ابن عباس والبراء بن عازب وأنس بن مالك إنه لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة: كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر؟ - ونحو هذا - فنزلت الآية. روى البخاري عن أنس قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر، فأمر (1) مناديا ينادي، فقال أبو طلحة: اخرج فانظر ما هذا الصوت! قال: فخرجت فقلت: هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت، فقال: اذهب فأهرقها - وكان الخمر من الفضيخ (2) - قال: فجرت في سكك المدينة، فقال بعض القوم: قتل قوم وهي في بطونهم فأنزل الله عز وجل: " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " الآية.
الثانية - هذه الآية وهذا الحديث نظير سؤالهم عمن مات إلى القبلة الأولى فنزلت " وما كان الله ليضيع إيمانكم " (3) [البقرة: 143]. ومن فعل ما أبيح له حتى مات على فعله لم يكن له ولا عليه