يقولوا في عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام (1) إلا ما يليق بهما. وقد: أراد بالاقتصاد قوما لم يؤمنوا، ولكنهم لم يكونوا من المؤذين المستهزئين، والله أعلم. والاقتصاد الاعتدال في العمل، وهو من القصد، والقصد إتيان الشئ، تقول: قصدته وقصدت له وقصدت إليه بمعنى.
(ساء ما يعملون) أي بئس شئ عملوه، كذبوا الرسل، وحرفوا الكتب وأكلوا السحت.
قوله تعالى: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدى القوم الكافرين (67) فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك). قيل: معناه أظهر التبليغ، لأنه كان في أول الاسلام يخفيه خوفا من المشركين، ثم أمر بإظهاره في هذه الآية، وأعلمه الله أنه يعصمه من الناس. وكان عمر رضي الله عنه أول من أظهر إسلامه وقال: لا نعبد الله سرا، وفي ذلك نزلت: " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين " (2) [الأنفال: 64] فدلت الآية على رد قول من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من أمر الدين تقية، وعلى بطلانه، وهم الرافضة، ودلت على أنه صلى الله عليه وسلم لم يسر إلى أحد شيئا من أمر الدين، لان المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك ظاهرا، ولولا هذا ما كان في قوله عز وجل: " وإن لم تفعل فما بلغت رسالته " فائدة. وقيل: بلغ ما أنزل إليك من ربك في أمر زينب بنت جحش الأسدية [رضي الله عنها] (3). وقيل غير هذا، والصحيح القول بالعموم، قال ابن عباس: المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته، وهذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته، وقد علم الله تعالى من أمر نبيه أنه لا يكتم شيئا من وحيه، وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة أنها قالت: من حدثك