أي قالوا إنهم، ويجوز " أنهم " [نصب] (1) ب " - أقسموا " أي قال المؤمنون لليهود على جهة التوبيخ: أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهدا أيمانهم أنهم يعينونكم على محمد. ويحتمل أن يكون من المؤمنين بعضهم لبعض، أي هؤلاء الذين كانوا يحلفون أنهم مؤمنون فقد هتك (2) الله اليوم سترهم. (حبطت أعمالهم) بطلت بنفاقهم. (فأصبحوا خاسرين) أي خاسرين الثواب.
وقيل: خسروا في موالاة اليهود فلم تحصل لهم ثمرة بعد قتل اليهود وإجلائهم.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم (54) فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " من يرتد منكم عن دينه " شرط وجوابه " فسوف ". وقراءة أهل المدينة والشام " من يرتدد " بدالين. الباقون " من يرتد ". وهذا من إعجاز القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم: إذ أخبر عن ارتدادهم ولم يكن ذلك في عهده وكان ذلك غيبا، فكان على ما أخبر بعد مدة، وأهل الردة كانوا بعد موته صلى الله عليه وسلم. قال ابن إسحاق:
لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب إلا ثلاثة مساجد، مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد جؤاثى (3)، وكانوا في ردتهم على قسمين: قسم نبذ الشريعة كلها وخرج عنها، وقسم نبذ وجوب الزكاة واعترف بوجوب غيرها، قالوا نصوم ونصلي ولا نزكي، فقاتل الصديق جميعهم، وبعث خالد بن الوليد إليهم بالجيوش فقاتلهم (4) وسباهم، على ما هو مشهور من أخبارهم.