واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق أهل العسكر ولم يصل إليه، فقال جماعة من أهل العلم: يدفع إلى الامام خمسه ويتصدق بالباقي. هذا مذهب الزهري ومالك والأوزاعي والليث والثوري، وروي عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري. وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس، لأنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه، وهو مذهب أحمد ابن حنبل. وقال الشافعي: ليس له الصدقة بمال غيره. قال أبو عمر: فهذا عندي فيما يمكن وجود صاحبه والوصول إليه أو إلى ورثته، وأما إن لم يكن شئ من ذلك فإن الشافعي لا يكره الصدقة حينئذ إن شاء الله. وقد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف لها وانقطاع صاحبها، وجعلوه إذا جاء - مخيرا بين الاجر والضمان، وكذلك المغصوب. وبالله التوفيق. وفي تحريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة، فلا يحل لاحد أن يستأثر بشئ منها دون الاخر، فمن غصب شيئا منها أدب اتفاقا، على ما تقدم.
الثامنة - وإن وطئ جارية أو سرق نصابا فاختلف العلماء في إقامة الحد عليه، فرأى جماعة أنه لا قطع عليه.
التاسعة - ومن الغلول هدايا العمال، وحكمه في الفضيحة في الآخرة حكم الغال. روى أبو داود في سننه ومسلم في صحيحه عن أبي حميد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية (1) [قال ابن السرح ابن الأتبية] (2) على الصدقة، فجاء فقال:
هذا لكم وهذا أهدي لي. فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: (ما بال العامل نبعثه فيجئ فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا، لا يأتي أحد منكم بشئ من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء وإن كانت بقرة فلها خوار أو شاة تيعر) (3) - ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي (4) إبطيه ثم قال: - (اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت). وروى أبو داود عن بريدة عن النبي