قدماها وسألت دما وقيحا عليها السلام. (واسجدي واركعي) قدم السجود ها هنا على الركوع لان الواو لا توجب الترتيب، وقد تقدم الخلاف في هذا في البقرة عند قول تعالى:
" إن الصفا والمروة من شعائر الله " [البقرة: 158] (1). فإذا قلت: قام زيد وعمرو جاز أن يكون عمرو قام قبل زيد، فعلى هذا يكون المعنى واركعي واسجدي. وقيل: كان شرعهم السجود قبل الركوع. (مع الراكعين) قيل: معناه افعلي كفعلهم وإن لم تصلي معهم. وقيل: المراد به صلاة الجماعة. وقد تقدم في البقرة (2).
قوله تعالى: ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون (44) فيه أربع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ذلك من أنباء الغيب) أي الذي ذكرنا من حديث زكريا ويحيى ومريم عليهم السلام من أخبار الغيب. (نوحيه إليك) فيه دلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن قصة زكريا ومريم ولم يكن قرأ الكتب، وأخبر عن ذلك وصدقه أهل الكتاب بذلك، فذلك قوله تعالى: " نوحيه إليك " فرة الكناية إلى " ذلك " فلذلك. والايحاء هنا الارسال إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والوحي يكون إلهاما وإيماء وغير ذلك. وأصله في اللغة إعلام في خفاء، ولذلك صار الالهام يسمى وحيا، ومنه " وإذ أو حيت إلى الحواريين " [المائدة: 111] (3) وقوله: " وأوحى ربك إلى النحل " [النحل: 68] (4) وقيل: معنى " أوحيت إلى الحواريين " أمرتهم، يقال: وحى وأوحى، ورمى وأرمى، بمعناه. قال العجاج:
* أوحى لها القرار فاستقرت * أي أمر الأرض بالقرار. وفي الحديث: (الوحي الوحي) وهو السرعة، والفعل منه توحيت توحيا. قال ابن فارس: الوحي الإشارة والكتابة والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك