قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعفا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون (130) واتقوا النار التي أعدت للكافرين (131) وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون (132) قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعفا مضاعفة) هذا النهي عن أكل الربا اعتراض بين أثناء قصة أحد. قال ابن عطية: ولا أحفظ في ذلك شيئا مرويا.
قلت: قال مجاهد: كانوا يبيعون البيع إلى أجل، فإذا حل الاجل زادوا في الثمن على أن يؤخروا، فأنزل الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ". [قلت] (1) وإنما خص الربا من بين سائر المعاصي، لأنه الذي أذن الله فيه بالحرب في قوله: " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " [البقرة: 279] (2) والحرب يؤذن بالقتل، فكأنه يقول: إن لم تتقوا الربا هزمتم وقتلتم. فأمرهم بترك الربا، لأنه كان معمولا به عندهم. والله أعلم. و (أضعافا) نصب علي الحال و (مضاعفة) نعته. وقرئ " مضعفة " ومعناه: الربا الذي كانت العرب تضعف فيه الدين، فكان الطالب يقول: أتقضي أم تربي؟ كما تقدم في " البقرة ". و (مضاعفة) إشارة إلى تكرار التضعيف عاما بعد عام كما كانوا يصنعون، فدلت هذه العبارة المؤكدة على شنعة فعلهم وقبحه، ولذلك ذكرت حالة التضعيف خاصة.
قوله تعالى: (واتقوا الله أي في أموال الربا فلا تأكلوها. ثم خوفهم فقال: (واتقوا النار التي قال كثير من المفسرين: وهذا الوعيد لمن أستحل الربا، ومن أستحل الربا فإنه يكفر [ويكفر] (3). وقيل: معناه اتقوا العمل الذي ينزع منكم الايمان فتستوجبون النار، لان من الذنوب ما يستوجب به صاحبه نزع الايمان ويخاف عليه، من ذلك عقوق الوالدين. وقد جاء في ذلك أثر: أن رجلا كان عاقا لوالديه يقال له علقمة، فقيل له عند الموت: قل لا إله إلا الله، فلم يقدر على ذلك حتى جاءته أمه فرضيت عنه. ومن ذلك قطيعة الرحم وأكل الربا والخيانة