والاتباع بسهولة. والكره ما كان بمشقة وإباء من النفس. و (طوعا وكرها) مصدران في موضع الحال، أي طائعين ومكرهين. وروى أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: " وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها " قال:
(الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار وعبد القيس في الأرض). وقال عليه السلام:
(لا تسبوا أصحابي فإن أصحابي أسلموا من خوف الله وأسلم الناس من خوف السيف).
وقال عكرمة: " طوعا " من أسلم من غير محاجة " وكرها " من اضطرته الحجة إلى التوحيد.
يدل عليه قوله عز وجل: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " [الزخرف: 87] (1) " ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله " [العنكبوت: 63] (2). قال الحسن: هو عموم معناه الخصوص. وعنه: " أسلم من في السماوات " وتم الكلام. ثم قال: " والأرض طوعا وكرها ". قال: والكاره المنافق لا ينفعه عمله. و " طوعا وكرها " مصدران في موضع الحال. عن مجاهد عن ابن عباس قال: إذا استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا (3) فليقرأ في أذنها هذه الآية: " أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها " إلى آخر الآية.
قوله تعالى: ومن يبتغ غير الأسلم دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (85).
" غير " مفعول بيبتغ، " دينا " منصوب على التفسير، ويجوز أن ينتصب دينا بيبتغ، وينتصب " غير " على أنه حال من الدين. قال مجاهد والسدي: نزلت هذه الآية في الحارث ابن سويد أخو الحلاس بن سويد، وكان من الأنصار، ارتد عن الاسلام هو واثنا عشر معه ولحقوا بمكة كفارا، فنزلت هذه الآية، ثم أرسل إلى أخيه يطلب التوبة. وروي ذلك عن ابن عباس وغيره. قال ابن عباس: وأسلم بعد نزول الآيات. (وهو في الآخرة من الخاسرين)