فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه. ومن هذا المعنى نهيه عليه السلام أن يشتحي (1) الرجل فاه في عرض أخيه. معناه أن يفتح، يقال: شحى الحمار فاه بالنهيق، وشحى الفم نفسه. وشحى اللجام فم الفرس شحيا، وجاءت الخيل شواحي: فاتحات أفواهها. ولا يفهم من هذا الحديث دليل خطاب على الجواز فيأخذ أحد في عرض أخيه همسا، فإن ذلك يحرم باتفاق من العلماء. وفي التنزيل " ولا يغتب بعضكم بعضا " [الحجرات: 12] (1) الآية. وقال صلى الله عليه وسلم:
(إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام). فذكر الشحو إنما هو إشارة إلى التشدق والانبساط، فاعلم.
الخامسة - وفي هذه الآية دليل على أن شهادة العدو على عدوه لا يجوز، وبذلك قال أهل المدينة وأهل الحجاز، وروى عن أبي حنيفة جواز ذلك. وحكى ابن بطال عن ابن شعبان أنه قال: أجمع العلماء على أنه لا تجوز شهادة العدو على عدوه في شئ وإن كان عدلا، والعداوة تزيل العدالة فكيف بعداوة كافر.
السادسة: قوله تعالى: (وما تخفي صدورهم أكبر) إخبار وإعلام بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم. وقرأ عبد الله بن مسعود: " قد بدأ البغضاء " بتذكير الفعل، لما كانت البغضاء بمعنى البغض.
قوله تعالى: هأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119) قوله تعالى: (ها أنتم أولاء تحبونهم) يعني المنافقين، دليله قوله تعالى: " وإذا لقوكم قالوا آمنا "، قاله أبو العالية ومقاتل. والمحبة هنا بمعنى المصافاة، أي أنتم أيها المسلمون تصافونهم ولا يصافونكم لنفاقهم. وقيل: المعنى تريدون لهم الاسلام وهم يريدون لكم الكفر. وقيل: المراد اليهود، قاله الأكثر. والكتاب اسم جنس، قال ابن عباس: يعني