قوله تعالى: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) أي عليه توكلوا فإنه إن يعنكم ويمنعكم من عدوكم لن تغلبوا.. (وإن يخذلكم) يترككم من معونته. (فمن ذا الذي ينصركم من بعده) أي لا ينصركم أحد من بعده، أي من بعد خذلانه إياكم، لأنه قال: " وإن يخذلكم " والخذلان ترك العون. والمخذول: المتروك لا يعبأ به. وخذلت الوحشية أقامت على ولدها في المرعى وتركت صواحباتها، فهي خذول. قال طرفة:
خذول تراعي ربربا بخميلة * تناول أطراف البرير وترتدي (1) وقال أيضا:
نظرت إليك بعين جارية * خذلت صواحبها على طفل وقيل: هذا من المقلوب، لأنها هي المخذولة إذا تركت. وتخاذلت رجلاه إذا ضعفتا. قال:
وخذول الرجل من غير كسح (2) ورجل خذلة للذي لا يزال يخذل. والله أعلم.
قوله تعالى: وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (161) فيه إحدى عشرة مسألة:
الأولى - لما أخل الرماة يوم أحد بمراكزهم - على ما تقدم - خوفا من أن يستولي المسلمون على الغنيمة فلا يصرف إليهم شئ، بين الله سبحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجور في القسمة، فما كان من حقكم أن تتهموه. وقال الضحاك: بل السبب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث طلائع في بعض غزواته ثم غنم قبل مجيئهم، فقسم للناس ولم يقسم للطلائع، فأنزل الله عليه عتابا: " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل " أي يقسم لبعض ويترك بعضا.
وروي نحو هذا القول عن ابن عباس. وقال ابن عباس أيضا وعكرمة وابن جبير وغيرهم: