يقبل توبة العبد ما لم يغرغر) (1). وسيأتي في " النساء " بيان هذا المعنى. وقيل: " لن تقبل توبتهم " التي كانوا عليها قبل أن يكفروا، لان الكفر قد أحبطها. وقيل: " لن تقبل توبتهم " إذا تابوا من كفرهم إلى كفر آخر، وإنما تقبل توبتهم إذا تابوا إلى الاسلام. وقال قطرب.
هذه الآية نزلت في قوم من أهل مكة قالوا: نتربص بمحمد ريب المنون، فإن بدا لنا الرجعة رجعنا إلى قومنا. فأنزل الله تعالى: " إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم " أي لن تقبل. توبتهم وهم مقيمون على الكفر، فسماها توبة غير مقبولة، لأنه لم يصح من القوم عزم، والله عز وجل يقبل التوبة كلها إذا صح العزم.
قوله تعالى: إن الذين كفروا وما توا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من نصرين (91) الملء (بالكسر) مقدار ما يملا الشئ، والملء (بالفتح) مصدر ملأت الشئ، ويقال:
أعطني ملأه وملايه وثلاثة أملائه. والواو في " لو افتدى به " قيل: هي مقحمة زائدة، المعنى: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به. وقال أهل النظر من النحويين: لا يجوز أن تكون الواو مقحمة لأنها تدل على معنى. ومعنى الآية: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا تبرعا ولو افتدى به. و " ذهبا " نصب على التفسير في قول الفراء.
قال المفضل: شرط التفسير أن يكون الكلام تاما وهو مبهم، كقولك عندي عشرون، فالعدد معلوم والمعدود مبهم، فإذا قلت درهما فسرت. وإنما نصب التمييز لأنه ليس له ما يخفضه ولا ما يرفعه، وكان النصب أخف الحركات فجعل لكل ما لا عامل فيه. وقال الكسائي:
نصب على إضمار من، أي من ذهب، كقوله: " أو عدل ذلك صياما " [المائدة: 95] (2) أي من صيام.
وفي البخاري ومسلم عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجاء بالكافر