فأخرج عيسى ثوبا أحمر وأصفر وأخضر إلى غير ذلك مما كان على كل ثوب مكتوب عليه صبغة، فعجب الحواري، وعلم أن ذلك من الله ودعا الناس إليه فآمنوا به، فهم الحواريون. قتادة والضحاك: سموا بذلك لأنهم كانوا خاصة الأنبياء. يريدان لنقاء (1) قلوبهم. وقيل. كانوا ملوكا، وذلك أن الملك صنع طعاما فدعا الناس إليه فكان عيسى على قصعة فكانت لا تنقص، فقال الملك له: من أنت؟ قال: عيسى ابن مريم. قال: إني أترك ملكي هذا واتبعك.
فانطلق بمن اتبعه معه، فهم الحواريون، قاله ابن عون. وأصل الحور في اللغة البياض، وحورت الثياب بيضتها، والحواري من الطعام ما حور، أي بيض، واحور ابيض والجفنة المحورة: المبيضة بالسنام، والحواري أيضا الناصر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لكل نبي حواري وحواريي الزبير). والحواريات: النساء لبياضهن، وقال:
فقل للحواريات يبكين غيرنا * ولا تبكنا إلا الكلاب النوابح قوله تعالى: ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين (53).
قوله تعالى: (ربنا آمنا بما أنزلت) أي يقولون ربنا آمنا. (بما أنزلت) يعني في كتابك وما أظهرته من حكمك. (واتبعنا الرسول) يعني عيسى. (فاكتبنا مع الشاهدين) يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم، عن ابن عباس. والمعنى أثبت أسماءنا مع أسمائهم واجعلنا من جملتهم. وقيل: المعنى فاكتبنا مع الذين شهدوا لأنبيائك بالصدق.
قوله تعالى: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين (54).
قوله تعالى: (ومكروا) يعني كفار بني إسرائيل الذين أحس منهم الكفر، أي قتله (2).
وذلك أن عيسى عليه السلام لما أخرجه قومه وأمه من بين أظهرهم عاد إليهم مع الحواريين وصاح فيهم بالدعوة فهموا بقتله وتواطؤوا على الفتك به، فذلك مكرهم. ومكر الله: استدراجه لعباده من حيث لا يعلمون، عن الفراء وغيره. قال ابن عباس: كلما أحدثوا خطيئة جددنا لهم نعمة. وقال الزجاج: مكر الله مجازاتهم على مكرهم، فسمي الجزاء باسم الابتداء، كقوله: