قوله تعالى: ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون (128) ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم (129) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج في رأسه، فجعل يسلب الدم عنه ويقول: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله تعالى) فأنزل الله تعالى: (ليس لك من الامر شئ). الضحاك:
هم النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المشركين فأنزل الله تعالى: " ليس لك من الامر شئ ". وقيل: استأذن في أن يدعو في استئصالهم، فلما نزلت هذه الآية علم أن منهم من سيسلم وقد آمن كثير منهم خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعكرمة بن أبي جهل وغيرهم.
وروى الترمذي عن ابن عامر قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة نفر فأنزل الله عز وجل: " ليس لك من الامر شئ " فهداهم الله للاسلام. وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وقوله تعالى: " أو يتوب عليهم " قيل: هو معطوف على " ليقطع طرفا ". والمعنى: ليقتل طائفة منهم، أو يحزنهم بالهزيمة أو يتوب عليهم أو يعذبهم. وقد تكون " أو " هاهنا بمعنى " حتى " و " إلا أن ". قال أمرؤ القيس:
* أو نموت فنعذرا قال علماؤنا: قوله عليه السلام: (كيف يفلح قوم شجوا رأس نبيهم) استبعاد لتوفيق من فعل ذلك به. وقوله تعالى: " ليس لك من الامر شئ " تقريب لما استبعده وإطماع في إسلامهم، ولما أطمع في ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم أغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) كما في صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب أغفر لقومي فإنهم