ابن رواحة: نعم يا رسول الله، فاغشنا في مجالسنا فإنا نحب ذلك. واستب المشركون الذين كانوا حول ابن أبي والمسلمون، وما زال النبي صلى الله عليه وسلم يسكنهم حتى سكنوا.
ثم دخل على سعد بن عبادة يعوده وهو مريض، فقال: (ألم تسمع ما قال فلان) فقال سعد:
أعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي نزل، وقد اصطلح أهل هذه البحيرة (1) على أن يتوجوه ويعصبوه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق به، فذلك فعل به ما رأيت. فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت هذه الآية. قيل: هذا كان قبل نزول القتال، وندب الله عباده إلى الصبر والتقوى وأخبر أنه من عزم الأمور. وكذا في البخاري في سياق الحديث، إن ذلك كان قبل نزول القتال.
والأظهر أنه ليس بمنسوخ، فإن الجدال بالأحسن والمداراة أبدا مندوب إليها، وكان عليه السلام مع الامر بالقتال يوادع اليهود ويداريهم، ويصفح عن المنافقين، وهذا بين. ومعنى (عزم الأمور) شدها وصلابتها (2). وقد تقدم (3).
قوله تعالى: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون (187) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب) هذا متصل بذكر اليهود، فإنهم أمروا بالايمان بمحمد عليه السلام وبيان أمره، فكتموا نعته (4). فالآية توبيخ لهم، ثم مع ذلك هو خبر عام لهم ولغيرهم. قال الحسن وقتادة: هي في كل من أوتي علم شئ من الكتاب. فمن علم شيئا فليعلمه، وإياكم وكتمان العلم فإنه هلكة. وقال محمد بن كعب:
لا يحل لعالم أن يسكت على علمه، ولا للجاهل أن يسكت على جهله، قال الله تعالى: " وإذ أخذ