اللبس الخلط، وقد تقدم في البقرة (1). ومعنى هذه الآية والتي قبلها معنى ذلك (2). (وتكتمون الحق) ويجوز " تكتموا " على جواب الاستفهام. (وأنتم تعلمون) جملة في موضع الحال.
قوله تعالى: وقالت طائفة من أهل الكتب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون (72) نزلت في كعب بن الأشرف ومالك بن الصف وغيرهما، قالوا للسفلة من قومهم: آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار، يعني أوله. وسمي وجها لأنه أحسنه، وأول ما يواجه منه أوله. قال الشاعر:
وتضئ في وجه النهار منيرة * كجمانة البحري سل نظامها (3) وقال آخر:
من كان مسرورا بمقتل مالك * فليأت نسوتنا بوجه نهار وهو منصوب على الظرف، وكذلك " آخره ". ومذهب قتادة أنهم فعلوا ذلك ليشككوا المسلمين. والطائفة: الجماعة، من طاف يطوف، وقد يستعمل للواحد على معنى نفس طائفة.
ومعنى الآية أن اليهود قال بعضهم لبعض: أظهروا الايمان بمحمد في أول النهار ثم أكفروا به آخره، فإنكم إذا فعلتم ذلك ظهر لمن يتبعه ارتياب في دينه فيرجعون عن دينه إلى دينكم، ويقولون إن أهل الكتاب أعلم به منا. وقيل: المعنى آمنوا بصلاته في أول النهار إلى بيت المقدس فإنه الحق، واكفروا بصلاته آخر النهار إلى الكعبة لعلهم يرجعون إلى قبلتكم، عن ابن عباس وغيره. وقال مقاتل: معناه أنهم جاءوا محمدا صلى الله عليه وسلم أول النهار ورجحوا من عنده فقالوا للسفلة: هو حق فاتبعوه، ثم قالوا: حتى ننظر في التوراة ثم رجعوا في آخر النهار فقالوا: قد نظرنا في التوراة فليس هو به. يقولون إنه ليس بحق، وإنما أرادوا أن يلبسوا على السفلة وأن يشككوا فيه.