هذه الزيادة من القرآن، إذ لم يكتبها في مصحفه الذي هو إمام المسلمين، وإنما ذكرها واعظا بها ومؤكدا ما تقدمها من كلام رب العالمين جل وعلا.
قوله تعالى: ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم.
يعني اليهود والنصارى في قول جمهور المفسرين. وقال بعضهم: هم المبتدعة من هذه الأمة. وقال أبو أمامة: هم الحرورية، وتلا الآية. وقال جابر بن عبد الله: (الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات " اليهود والنصارى. " جاءهم " مذكر على الجمع، وجاءتهم على الجماعة.
قوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون (106) وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خلدون (107) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) يعني يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ووجوه الكافرين مسودة. ويقال: إن ذلك عند قراءة الكتاب، إذ قرأ المؤمن كتابه فرأى في كتابه حسناته استبشر وأبيض وجهه، وإذا قرأ الكافر والمنافق كتابه فرأى فيه سيئاته اسود وجهه. ويقال: إن ذلك عند الميزان إذا رجحت حسناته أبيض وجهه، وإذا رجحت سيئاته اسود وجهه. ويقال: ذلك عند قوله تعالى:
" وامتازوا اليوم أيها المجرمون " [يس: 59] (1). ويقال: إذا كان يوم القيامة يؤمر كل فريق بأن يجتمع إلى معبوده، فإذا انتهوا إليه حزنوا واسودت وجوههم، فيبقى المؤمنون وأهل الكتاب والمنافقون، فيقول الله تعالى للمؤمنين: " من ربكم "؟ فيقولون: ربنا الله عز وجل فيقول لهم:
" أتعرفونه إذا رأيتموه ". فيقولون: سبحانه! إذا اعترف عرفناه. (2) فيرونه كما شاء الله.