" الله يستهزئ بهم " [البقرة: 15] (1)، " وهو خادعهم " [النساء: 142] (2). وقد تقدم في البقرة. وأصل المكر في اللغة الاحتيال والخداع. والمكر: خدالة (3) الساق. وامرأة ممكورة الساقين. والمكر: ضرب من الثياب.
ويقال: بل هو المغرة، حكاه ابن فارس. وقيل: " مكر الله " إلقاء شبه عيسى على غيره ورفع عيسى إليه، وذلك أن اليهود لما اجتمعوا على قتل عيسى دخل البيت هاربا منهم فرفعه جبريل من الكوة إلى السماء، فقال ملكهم لرجل منهم خبيث يقال له يهوذا: ادخل عليه فاقتله، فدخل الخوخة فلم يجد هناك عيسى وألقى الله عليه شبه عيسى، فلما خرج رأوه على شبه عيسى فأخذوه وقتلوه وصلبوه. ثم قالوا: وجهه يشبه وجه عيسى، وبدنه يشبه بدن صاحبنا، فإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى! وإن كان هذا عيسى فأين صاحبنا! فوقع بينهم قتال فقتل بعضهم بعضا، فذلك قوله تعالى: " ومكروا ومكر الله ". وقيل غير هذا على ما يأتي.
(والله خير الماكرين) اسم فاعل من مكر يمكر مكرا. وقد عده بعض العلماء في أسماء الله تعالى فيقول إذا دعا به: يا خير الماكرين أمكر لي. وكان عليه السلام يقول في دعائه: (اللهم أمكر لي ولا تمكر علي). وقد ذكرناه في الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى. والله أعلم.
قوله تعالى: إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيمة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون (55) قوله تعالى (إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك) العامل في " إذ " مكروا، أو فعل مضمر. وقال جماعة من أهل المعاني منهم الضحاك والفراء في قوله تعالى: " إني متوفيك ورافعك إلي " على التقديم والتأخير، لان الواو لا توجب الرتبة. والمعنى: إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء، كقوله: " ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى " [طه: 129] (4)، والتقدير ولولا كلمة سبقت من ربك وأجل مسمى لكان لزاما. قال الشاعر: