في معلومه سبحانه، أن روح الحي تفارق جسده، ومتى قتل العبد علمنا أن ذلك أجله.
ولا يصح أن يقال: لو لم يقتل لعاش. والدليل على قوله: " كتابا مؤجلا " إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون " [الأعراف: 34] (1) " إن أجل الله لآت " [العنكبوت: 5] " لكل أجل كتاب " [الرعد: 38].
والمعتزلي يقول: يتقدم الاجل ويتأخر، وأن من قتل فإنما يهلك قبل أجله، وكذلك كل ما ذبح من الحيوان كان هلاكه قبل أجله، لأنه يجب على القاتل الضمان والدية. وقد بين الله تعالى في هذه الآية أنه لا تهلك نفس قبل أجلها. وسيأتي لهذا مزيد بيان في " الأعراف " (2) إن شاء الله تعالى. وفيه دليل على كتب العلم وتدوينه. وسيأتي بيانه في " طه " عند قوله.
" قال علمها عند ربي في كتاب " [طه: 52] (3) إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: (ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها) يعني الغنيمة. نزلت في الذين تركوا المركز طلبا للغنيمة. وقيل: هي عامة في كل من أراد الدنيا دون الآخرة، والمعنى نؤته منها ما قسم له. وفي التنزيل: " من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد " [الاسراء: 18] (4).
(ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) أي نؤته جزاء عمله، على ما وصف الله تعالى من تضعيف الحسنات لمن يشاء. وقيل: لمراد منها (5) عبد الله بن جبير ومن لزم المركز معه حتى قتلوا. (وسنجزي الشاكرين) أي نؤتيهم الثواب الأبدي جزاء لهم على ترك الانهزام، فهو تأكيد لما تقدم من إيتاء مزيد الآخرة. وقيل: " وسنجزي الشاكرين " من الرزق في الدنيا لئلا يتوهم أن الشاكر يحرم ما قسم له مما يناله الكافر.
قوله تعالى: وكأين من نبي قتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين (146) وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وتبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (147)