قلت - (1) قرأ الحرميان وأبو عمرو " لا يضركم " من ضار يضير كما ذكرنا، ومنه قوله " لا ضير "، وحذفت الياء لالتقاء الساكنين، لأنك لما حذفت الضمة من الراء بقيت الراء ساكنة والياء ساكنة فحذفت الياء، وكانت أولى بالحذف، لان قبلها ما يدل عليها. وحكى الكسائي أنه سمع " ضاره يضوره " وأجاز " لا يضركم " وزعم أن في قراءة أبي بن كعب " لا يضرركم " (2). [وقرأ الكوفيون: " لا يضركم " بضم الراء وتشديدها من ضر يضر] (3).
ويجوز أن يكون مرفوعا على تقدير إضمار الفاء، والمعنى: فلا يضركم، ومنه قول الشاعر: (4) * من يفعل الحسنات الله يشكرها * هذا قول الكسائي والفراء، أو يكون مرفوعا على نية التقديم، وأنشد سيبويه:
* إنك إن يصرع أخوك تصرع * (5) أي لا يضركم أن تصبروا وتتقوا. ويجوز أن يكون مجزوما، وضمت الراء لالتقاء الساكنين على اتباع الضم. وكذلك قراءة من فتح الراء على أن الفعل مجزوم، وفتح " يضركم " لالتقاء الساكنين لخفة الفتح، رواه أبو زيد عن المفضل عن عاصم، حكاه المهدوي. وحكى النحاس: وزعم المفضل الضبي عن عاصم " لا يضركم " بكسر الراء لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى: وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقعد للقتال والله سميع عليم (121) قوله تعالى: (وإذ غدوت من أهلك) العامل في " إذ " فعل مضمر تقديره: وأذكر إذ غدوت، يعنى خرجت بالصباح. (من أهلك) من منزلك من عند عائشة. (تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم) هذه غزوة أحد وفيها نزلت هذه الآية كلها. وقال مجاهد والحسن ومقاتل والكلبي: هي غزوة الخندق. وعن الحسن أيضا يوم بدر.
والجمهور على أنها غزوة أحد، يدل عليه قوله تعالى: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا " [آل عمران: 122] وهذا إنما كان يوم أحد، وكان المشركون قصدوا المدينة في ثلاثة آلاف رجل ليأخذوا بثأرهم