والرضوان مصدر من الرضا، وهو أنه إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى لهم " تريدون شيئا أزيدكم "؟ فيقولون: يا ربنا وأي شئ أفضل من هذا؟ فيقول: " رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا " خرجه مسلم. وفى قوله تعالى: " والله بصير بالعباد " وعد ووعيد.
قوله تعالى: الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار (16) الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار (17) " الذين " بدل من قوله " للذين اتقوا " وإن شئت كان رفعا أي هم الذين، أو نصبا على المدح. (ربنا) أي يا ربنا. (إننا آمنا) أي صدقنا. (فاغفر لنا ذنوبنا) دعاء بالمغفرة. (وقنا عذاب النار) تقدم في (1) البقرة. (الصابرين) يعنى عن المعاصي والشهوات، وقيل: على الطاعات. (والصادقين) أي في الافعال والأقوال (والقانتين) الطائعين. (والمنفقين) يعنى في سبيل الله. وقد تقدم في (2) البقرة هذه المعاني على الكمال.
ففسر تعالى في هذه الآية أحوال المتقين الموعودين بالجنات.
واختلف في معنى قوله تعالى: " والمستغفرين بالاسحار " فقال أنس بن مالك:
هم السائلون المغفرة. قتادة: المصلون.
قلت: ولا تناقض، فإنهم يصلون ويستغفرون. وخص السحر بالذكر لأنه مظان القبول ووقت إجابة الدعاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير قوله تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام لبنيه: " سوف أستغفر لكم ربى " (3): " إنه أخر ذلك إلى السحر " خرجه الترمذي وسيأتي. وسأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل " أي الليل أسمع "؟ فقال: " لا أدري غير أن العرش يهتز عند السحر ". يقال سحر وسحر، بفتح الحاء وسكونها، وقال الزجاج: السحر من حين يدبر الليل إلى أن يطلع الفجر الثاني، وقال ابن زيد: السحر هو سدس الليل الاخر.