العلماء على أنه ليس بمنسوخ، وأن زكريا إنما منع الكلام بآفة (1) دخلت عليه منعته إياه، وتلك الآفة (1) عدم القدرة على الكلام مع الصحة، كذلك قال المفسرون. وذهب كثير من العلماء إلى أنه (لا صمت يوما إلى الليل) إنما معناه عن ذكر الله، وأما عن الهذر وما لا فائدة فيه، فالصمت عن ذلك حسن.
قوله تعالى: (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والابكار) أمره بألا يترك الذكر في نفسه مع اعتقال لسانه، على القول الأول. وقد مضى في البقرة (2) معنى الذكر. وقال محمد ابن كعب القرظي: لو رخص لاحد في ترك الذكر لرخص لزكريا بقول الله عز وجل " ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا " ولرخص للرجل يكون في الحرب بقول الله عز وجل: " إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا " [الأنفال: 45] (3). وذكره الطبري.
" وسبح " أي صل، سميت الصلاة سبحة لما فيها من تنزيه الله تعالى عن السوء. و " العشي " جمع عشية. وقيل: هو واحد. وذلك من حين تزول الشمس إلى أن تغيب، عن مجاهد. وفي الموطأ عن القاسم بن محمد قال: ما أدركت الناس إلا وهم يصلون الظهر بعشي . " والابكار " من طلوع الفجر إلى وقت الضحى.
قوله تعالى: وإذ قالت الملائكة؟ يا مريم إن الله اصطفاك؟ وطهرك واصطفاك على نساء العلمين (42) قوله تعالى: (إن الله اصطفاك) أي اختارك، وقد تقدم (4). (وطهرك) أي من الكفر، عن مجاهد والحسن. الزجاج: من سائر الأدناس من الحيض والنفاس وغيرهما، واصطفاك لولادة عيسى (على نساء العالمين) يعني عالمي زمانها، عن الحسن وابن جريج وغيرهما. وقيل: " على نساء العالمين " أجمع إلى يوم الصور، وهو الصحيح على ما نبينه، وهو قول الزجاج وغيره. وكرر الاصطفاء لان معنى الأول الاصطفاء لعبادته، ومعنى الثاني لولادة عيسى. وروى مسلم عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كمل