قلت: هذا خرج مخرج التغليظ، ولهذا قال علماؤنا: تضمنت الآية أن من مات ولم يحج وهو قادر فالوعيد يتوجه عليه، ولا يجزئ أن يحج عنه غيره، لان حج الغير لو أسقط عنه الفرض لسقط عنه الوعيد. والله أعلم. وقال سعيد بن جبير: لو مات جار لي وله ميسرة ولم يحج لم أصل عليه.
قوله تعالى: قل يأهل الكتب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون (98) قل يأهل الكتب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون (99) قوله تعالى: (قل يأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله) أي تصرفون عن دين الله (من آمن). وقرأ الحسن " تصدون " بضم التاء وكسر الصاد وهما لغتان: صد وأصد، مثل صل اللحم وأصل إذا أنتن، وخم وأخم أيضا إذا تغير. (تبغونها عوجا) تطلبون لها، فحذف اللام، مثل " وإذا كالوهم " [المطففين: 3] (1). يقال: بغيت له كذا أي طلبته. وأبغيته كذا أي أعنته. والعوج:
الميل والزيغ (بكسر العين) في الدين والقول والعمل وما خرج عن طريق الاستواء. و (بالفتح) في الحائط والجدار وكل شخص قائم، عن أبي عبيدة وغيره. ومعنى قوله تعالى: " يتبعون الداعي لا عوج (2) له " [طه: 108] أي لا يقدرون أن يعوجوا عن (3) دعائه. وعاج بالمكان وعوج أقام ووقف.
والعائج الواقف، قال الشاعر:
هل أنتم عائجون بنا لعنا (4) * نرى العرصات (5) أو أثر الخيام والرجل الأعوج: السئ الخلق، وهو بن العوج. والعوج من الخيل التي في أرجلها تحنيب (6).
والأعوجية من الخيل تنسب إلى فرس كان في الجاهلية سابقا. ويقال: فرس محنب إذا كان بعيد ما بين الرجلين بغير فحج، وهو مدح. ويقال: الحنب اعوجاج في الساقين. قال الخليل التحنيب يوصف في الشدة، وليس ذلك باعوجاج.