الذي هو الصوت، فهو صوت الريح الشديدة. الزجاج: هو صوت لهب النار التي كانت في تلك الريح. وقد تقدم هذا المعنى في البقرة (1). وفي الحديث: إنه نهى عن الجراد الذي قتله الصر (2). ومعنى الآية: مثل نفقة الكافرين في بطلانها وذهابها وعدم منفعتها كمثل زرع أصابه ريح باردة أو نار فأحرقته وأهلكته، فلم ينتفع أصحابه بشئ بعد ما كانوا يرجون فائدته (3) ونفعه.
قال الله تعالى: (وما ظلمهم الله) بذلك (ولكن أنفسهم يظلمون) بالكفر والمعصية ومنع حق الله تعالى. وقيل: ظلموا أنفسهم بأن زرعوا في غير وقت الزراعة أو في غير موضعها فأدبهم الله تعالى، لوضعهم الشئ في غير موضعه، حكاه المهدوي.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) فيه ست مسائل:
الأولى - أكد الله تعالى الزجر عن الركون إلى الكفار. وهو متصل بما سبق من قوله:
" إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب " [آل عمران: 100]. والبطانة مصدر، يسمى به الواحد والجمع.
وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره، وأصله من البطن الذي هو خلاف الظهر.
وبطن فلان بفلان يبطن بطونا وبطانة إذا كان خاصا به. قال الشاعر:
أولئك خلصائي (4) نعم وبطانتي * وهم عيبتي من دون كل قريب الثانية - نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء، يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أمورهم. ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك فلا ينبغي لك أن تحادثه، قال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه * فكل (5) قرين بالمقارن يقتدي