بذلك. وقال بعضهم: لا يجوز أن يكون الخلق من نفخ جبريل لأنه يصير الولد بعضه من الملائكة وبعضه من الانس، ولكن سبب ذلك أن الله تعالى لما خلق آدم وأخذ الميثاق من ذريته فجعل بعض الماء في أصلاب الاباء وبعضه في أرحام الأمهات فإذا اجتمع الماءان صارا ولدا، وأن الله تعالى جعل الماءين جميعا في مريم بعضه في رحمها وبعضه في صلبها، فنفخ فيه جبريل لتهيج شهوتها، لأن المرأة ما لم تهج شهوتها لا تحبل، فلما هاجت شهوتها بنفخ جبريل وقع الماء الذي كان في صلبها في رحمها فاختلط الماءان فعلقت بذلك، فذلك قوله تعالى: " إذا قضى أمرا " يعني إذا أراد أن يخلق خلقا " فإنما يقول له كن فيكون ".
وقد تقدم في " البقرة " القول فيه مستوفى (1).
قوله تعالى: ويعلمه الكتب والحكمة والتوراة والإنجيل (48) ورسولا إلى بني إسرائيل أنى قد جئتكم باية من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين (49) قوله تعالى: (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل) قال ابن جريج: الكتاب الكتابة والخط. وقيل: هو كتاب غير التوراة والإنجيل علمه الله عيسى عليه السلام.
(ورسولا) أي ونجعله رسولا. أو يكلمهم رسولا. وقيل: هو معطوف على قوله " وجيها ". وقال الأخفش: وإن شئت جعلت الواو في قوله " ورسولا " مقحمة والرسول حالا للهاء، تقديره ويعلمه الكتاب رسولا. وفي حديث أبي ذر الطويل (وأول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى عليه السلام). (أنى أخلق لكم) أي أصور وأقدر لكم.
من الطين كهيئة الطير) قرأ الأعرج وأبو جعفر " كهية " بالتشديد. الباقون بالهمز.