أي قل يا محمد صدق الله. إنه لم يكن ذلك في التوراة محرما. (فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا) أمر باتباع دينه. (وما كان من المشركين) رد عليهم في دعواهم الباطل كما تقدم.
قوله تعالى: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعلمين (96) فيه آيات بينت مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غنى عن العلمين (97) فيه خمس مسائل:
الأولى - ثبت في صحيح مسلم عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الأرض قال: (المسجد الحرام). قلت: ثم أي؟ قال: (المسجد الأقصى). قلت: كم بينهما؟ قال: (أربعون عاما ثم الأرض لك مسجد فحيثما أدركتك الصلاة فصل). قال مجاهد وقتادة: لم يوضع قبله بيت. قال علي رضي الله عنه: كان قبل البيت بيوت كثيرة، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة. وعن مجاهد قال: تفاخر المسلمون واليهود فقالت اليهود: بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة، لأنه مهاجر (1) الأنبياء وفي الأرض المقدسة. وقال المسلمون: بل الكعبة أفضل، فأنزل الله هذه الآية. وقد مضى في البقرة (2) بنيان البيت وأول من بناه. قال مجاهد: خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة، وأن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى. وأما المسجد الأقصى فبناه سليمان عليه السلام، كما خرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن سليمان بن داود عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثة [سأل الله عز وجل] (3) حكما يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله عز وجل ملكا