ولا عطر بعد عروس. ويقال: إن من غل شيئا في الدنيا يمثل له يوم القيامة في النار، ثم يقال له: انزل إليه فخذه، فيهبط إليه، فإذا انتهى إليه حمله، حتى إذا انتهى إلى الباب سقط عنه إلى أسفل جهنم، فيرجع إليه فيأخذه، لا يزال هكذا إلى ما شاء الله. ويقال " يأت بما غل " يعني تشهد عليه يوم القيامة تلك الخيانة والغلول.
الثالثة - قال العلماء: والغلول كبيرة من الكبائر، بدليل هذه الآية وما ذكرناه من حديث أبي هريرة: أنه يحمله على عنقه. وقد قال صلى الله عليه وسلم في مدعم (1): (والذي نفسي بيده أن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا) قال: فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شراك أو شراكان من نار). أخرجه الموطأ. فقوله عليه السلام: (والذي نفسي بيده) وامتناعه من الصلاة على من غل دليل على تعظيم الغلول وتعظيم الذنب فيه وأنه من الكبائر، وهو من حقوق الآدميين ولابد فيه من القصاص بالحسنات والسيئات، ثم صاحبه في المشيئة. وقوله: (شراك أو شراكان من نار) مثل قوله: (أدوا الخياط (2) والمخيط). وهذا يدل على أن القليل والكثير لا يحل أخذه في الغزو قبل المقاسم، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم (3) في أرض الغزو ومن الاحتطاب والاصطياد. وقد روي عن الزهري أنه قال: لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الامام. وهذا لا أصل له، لان الآثار تخالفه، على ما يأتي. قال الحسن: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتحوا المدينة أو الحصن أكلوا من السويق والدقيق والسمن والعسل. وقال إبراهيم: كانوا يأكلون من أرض العدو الطعام في أرض الحرب ويعلفون قبل أن يخمسوا. وقال عطاء:
في الغزاة يكونون في السرية فيصيبون أنحاء (4) السمن والعسل والطعام فيأكلون، وما بقي ردوه إلى إمامهم، وعلى هذا جماعة العلماء.