وقال آخر (1):
فأشرط فيها نفسه وهو معصم * وألقى بأسباب له وتوكلا وعصمه الطعام: منع الجوع منه، تقول العرب: عص [- م فلانا] (2) الطعام أي منعه من الجوع، فكنوا السويق بأبي عاصم لذلك. قال أحمد بن يحيى: العرب تسمي الخبز عاصما وجابرا، وأنشد:
فلا تلوميني ولومي جابرا * فجابر كلفني الهواجرا ويسمونه عامرا. وأنشد:
أبو مالك يعتادني بالظهائر * يجئ فيلقى رحله عند عامر أبو مالك كنية الجوع.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون (102) فيه مسألة واحدة:
روى البخاري (3) عن مرة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر. وقال ابن عباس:
هو ألا يعصى طرفة عين. وذكر المفسرون أنه لما نزلت هذه الآية قالوا: يا رسول الله، من يقوى على هذا؟ وشق عليهم فأنزل الله عز وجل: " فاتقوا الله ما استطعتم " [التغابن: 16] (4) فنسخت هذه الآية، عن قتادة والربيع وابن زيد. قال مقاتل: وليس في آل عمران من المنسوخ شئ إلا هذه الآية. وقيل: إن قوله " فاتقوا الله ما استطعتم " بيان لهذه الآية. والمعنى:
فاتقوا الله حق تقاته ما استطعتم، وهذا أصوب (5)، لان النسخ إنما يكون عند عدم الجمع والجمع ممكن فهو أولى. وقد روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قول الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته " لم تنسخ، ولكن " حق تقاته " أن يجاهد في [سبيل] (6) الله حق