ومعنى (لانفضوا) لتفرقوا، فضضتهم فانفضوا، أي فرقتهم فتفرقوا، ومن ذلك قول أبي النجم يصف إبلا:
مستعجلات القيض (1) غير جرد (2) * ينفض عنهن الحصى بالصمد (3) وأصل الفض الكسر، ومنه قولهم: لا يفضض الله فاك. والمعنى: يا محمد لولا رفقك لمنعهم الاحتشام والهيبة من القرب منك بعد ما كان من توليهم.
قوله تعالى: (فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر) الأولى - قال العلماء: أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ، وذلك أنه أمره بأن يعفو عنهم ما له في خاصته عليهم من تبعة، فلما صاروا في هذه الدرجة أمره أن يستغفر فيما لله عليهم من تبعة أيضا، فإذا صاروا في هذه الدرجة صاروا أهلا للاستشارة في الأمور. قال أهل اللغة: الاستشارة مأخوذة من قول العرب:
شرت الدابة وشورتها إذا علمت خبرها بجري أو غيره. ويقال للموضع الذي تركض فيه:
مشوار. وقد يكون من قولهم: شرت العسل واشترته فهو مشور ومشتار إذا أخذته من موضعه، قال عدي بن زيد في سماع يأذن الشيخ له * وحديث مثل ماذي مشار (4) الثانية - قال ابن عطية: والشورى من قواعد الشريعة وعزائم الاحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب. هذا ما لا خلاف فيه. وقد مدح الله المؤمنين بقوله: " وأمرهم شورى بينهم " [الشورى: 38] (5). قال أعرابي: ما غبنت قط حتى يغبن قومي، قيل: