وقوله: سوف تعلمون يقول جل ثناؤه: سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، أيها الذين ألهاهم التكاثر، غب فعلكم، واشتغالكم بالتكاثر في الدنيا عن طاعة الله ربكم.
وقوله: ثم كلا سوف تعلمون يقول: ثم ما هكذا ينبغي أن تفعلوا أن يلهيكم التكاثر بالأموال، وكثرة العدد، سوف تعلمون إذا زرتم المقابر، ما تلقون إذا أنتم زرتموها، من مكروه اشتغالكم عن طاعة ربكم بالتكاثر. وكرر قوله: كلا سوف تعلمون مرتين، لان العرب إذا أرادت التغليظ في التخويف والتهديد، كرروا الكلمة مرتين. وروي عن الضحاك في ذلك ما:
29315 - حدثنا به ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك كلا سوف تعلمون قال: الكفار ثم كلا سوف تعلمون قال: المؤمنون.
وكذلك كان يقرؤها.
وقوله: كلا لو تعلمون علم اليقين يقول تعالى ذكره: ما هكذا ينبغي أن تفعلوا، أن يلهيكم التكاثر أيها الناس، لو تعلمون أيها الناس علما يقينا، أن الله باعثكم يوم القيامة من بعد مماتكم، من قبوركم، ما ألهاكم التكاثر عن طاعة الله ربكم، ولسارعتم إلى عبادته، والانتهاء إلى أمره ونهيه، ورفض الدنيا إشفاقا على أنفسكم من عقوبته. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29316 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة كلا لو تعلمون علم اليقين كنا نحدث أن علم اليقين، أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت.
وقوله: لترون الجحيم اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته قراء الأمصار:
لترون الجحيم بفتح التاء من لترون في الحرفين كليهما، وقرأ ذلك الكسائي بضم التاء من الأولى، وفتحها من الثانية.
والصواب عندنا في ذلك الفتح فيهما كليهما، لاجماع الحجة عليه. وإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: لترون أيها المشركون جهنم يوم القيامة، ثم لترونها عيانا لا تغيبون عنها.
29317 - حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ثم لترونها عين اليقين يعني: أهل الشرك.
وقوله: ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم يقول: ثم ليسألنكم الله عز وجل عن النعيم