وقال بعض نحويي الكوفة: نصب العين على وجهين: أحدهما: أن ينوى من تسنيم عين، فإذا نونت نصبت، كما قال: أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما، وكما قال:
ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء. والوجه الآخر: أن ينوى من ماء سنم عينا، كقولك:
رفع عينا يشرب بها. قال: وإن لم يكن التسنيم اسما للماء، فالعين نكرة، والتسنيم معرفة، وإن كان اسما للماء، فالعين نكرة فخرجت نصبا. وقال آخر من البصريين: من تسنيم معرفة، ثم قال عينا فجاءت نكرة، فنصبتها صفة لها. وقال آخر نصبت بمعنى:
من ماء يتسنم عينا.
والصواب من القول في ذلك عندنا: أن التسنيم اسم معرفة، والعين نكرة، فنصبت لذلك إذ كانت صفة له وإنما قلنا: ذلك هو الصواب لما قد قدمنا من الرواية عن أهل التأويل، أن التسنيم هو العين، فكان معلوما بذلك أن العين إذ كانت منصوبة وهي نكرة، أن التسنيم معرفة. وقوله: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون يقول تعالى ذكره: إن الذين اكتسبوا المآثم، فكفروا بالله في الدنيا، كانوا فيها من الذين أقروا بوحدانية الله، وصدقوا به، يضحكون، استهزاء منهم بهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
28436 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون في الدنيا، يقولون: والله إن هؤلاء لكذبة، وما هم على شئ، استهزاء بهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا مروا بهم يتغامزون * وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين * وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون * وما أرسلوا عليهم حافظين) *.