الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
سنقرئك فلا تنسى قال: كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى.
فقال قائلو هذه المقالة: معنى الاستثناء في هذا الموضع على النسيان، ومعنى الكلام: فلا تنسى، إلا ما شاء الله أن تنساه، ولا تذكره، قالوا: ذلك هو ما نسخه الله من القرآن، فرفع حكمه وتلاوته. ذكر من قال ذلك:
28645 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة سنقرئك فلا تنسى كان (ص) لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله.
وقال آخرون: معنى النسيان في هذا الموضع: الترك وقالوا: معنى الكلام:
سنقرئك يا محمد فلا تترك العمل بشئ منه، إلا ما شاء الله أن تترك العمل به، مما ننسخه.
وكان بعض أهل العربية يقول في ذلك: لم يشأ الله أن تنسى شيئا، وهو كقوله:
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ولا يشاء. قال: وأنت قائل في الكلام: لأعطينك كل ما سألت إلا ما شئت، وإلا أن أشاء أن أمنعك، والنية أن لا تمنعه، ولا تشاء شيئا. قال: وعلى هذا مجاري الايمان، يستثنى فيها، ونية الحالف:
اللمام.
والقول الذي هو أولى بالصواب عندي، قول من قال: معنى ذلك: فلا تنسى إلا أن نشاء نحن أن ننسيكه بنسخه ورفعه. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان ذلك أظهر معانيه.
وقوله: إنه يعلم الجهر وما يخفى يقول تعالى ذكره: إن الله يعلم الجهر يا محمد من عملك، ما أظهرته وأعلنته وما يخفى يقول: وما يخفى منه فلم تظهره، مما كتمته، يقول: هو يعلم جميع أعمالك، سرها وعلانيتها يقول: فاحذره أن يطلع عليك وأنت عامل في حال من أحوالك بغير الذي أذن لك به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ونيسرك لليسرى * فذكر إن نفعت الذكرى * سيذكر من يخشى * ويتجنبها الأشقى * الذي يصلى النار الكبرى * ثم لا يموت فيها ولا يحيا) *.
يقول تعالى ذكره: ونسهلك يا محمد لعمل الخير، وهو اليسرى واليسرى: هو الفعلي من اليسر.