وقوله: وينقلب إلى أهله مسرورا يقول: وينصرف هذا المحاسب حسابا يسيرا إلى أهله في الجنة مسرورا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28461 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وينقلب إلى أهله مسرورا قال: إلى أهل أعد الله لهم الجنة. القول في تأويل قوله تعالى: * (وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا * ويصلى سعيرا * إنه كان في أهله مسرورا إنه ظن أن لن يحور * بلى إن ربه كان به بصيرا) *.
يقول تعالى ذكره: وأما من أعطي كتابه منكم أيها الناس يومئذ وراء ظهره، وذلك أن جعل يده اليمنى إلى عنقه، وجعل الشمال من يديه وراء ظهره، فيتناول كتابه بشماله من وراء ظهره، ولذلك وصفهم جل ثناؤه أحيانا، أنهم يؤتون كتبهم بشمائلهم، وأحيانا أنهم يؤتونها من وراء ظهورهم. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28462 - حدثني محمد بن عمر، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله:
وأما من أوتي كتابه وراء ظهره قال: يجعل يده من وراء ظهره.
وقوله: فسوف يدعو ثبورا يقول: فسوف ينادي بالهلاك، وهو أن يقول:
واثبوراه، واويلاه، وهو من قولهم: دعا فلان لهفه: إذا قال: والهفاه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. وقد ذكرنا معنى الثبور فيما مضى بشواهده، وما فيه من الرواية.
28463 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: يدعو ثبورا قال: يدعو بالهلاك.
وقوله: ويصلى سعيرا اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء مكة والمدينة والشام: ويصلى بضم الياء وتشديد اللام، بمعنى: أن الله يصليهم تصلية بعد تصلية، وإنضاجة بعد إنضاجة، كما قال تعالى: كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها، واستشهدوا لتصحيح قراءتهم ذلك كذلك، بقوله: ثم الجحيم صلوه وقرأ ذلك بعض المدنيين وعامة قراء الكوفة والبصرة: ويصلى بفتح الياء وتخفيف