وقوله: وأما من حاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى يقول: وأما من خاف مسألة الله إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتقاه، بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه ونهى النفس عن الهوى يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه فإن الجنة هي المأوى يقول: فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة.
وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في معنى قوله: ولمن خاف مقام ربه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يسألونك عن الساعة أيان مرساها * فيم أنت من ذكراها * إلى ربك منتهاها * إنما أنت منذر من يخشاها * كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) * . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): يسألك يا محمد هؤلاء المكذبون بالبعث عن الساعة التي تبعث فيها الموتى من قبورهم أيان مرساها، متى قيامها وظهورها؟ وكان الفراء يقول: إن قال قائل: إنما الارساء للسفينة، والجبال الراسية وما أشبههن، فكيف وصف الساعة بالارساء؟ قلت: هي بمنزلة السفينة إذا كانت جارية فرست، ورسوها: قيامها قال: وليس قيامها كقيام القائم، إنما هي كقولك: قد قام العدل، وقام الحق: أي ظهر وثبت.
قال أبو جعفر رحمه الله: يقول الله لنبيه: فيم أنت مذكراها يقول: في أي شئ أنت من ذكر الساعة والبحث عن شأنها. وذكر أن رسول الله (ص) كان يكثر ذكر الساعة، حتى نزلت هذه الآية.
28139 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: لم يزل النبي (ص) يسأل عن الساعة، حتى أنزل الله عز وجل:
فيم أنت من ذكراها؟ إلى ربك منتهاها.
28140 - حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن إسماعيل، عن طارق بن شهاب، قال: كان النبي (ص) لا يزال يذكر شأن الساعة حتى نزلت يسألونك عن الساعة أيان مرساها؟... إلى من يخشاها.