وقوله: كلا يقول تعالى ذكره: ما الامر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون بعث الله إياهم أحياء بعد مماتهم، وتوعدهم جل ثناؤه على هذا القول منهم، فقال:
سيعلمون يقول: سيعلم هؤلاء الكفار المنكرون وعيد الله أعداءه، ما الله فاعل بهم يوم القيامة، ثم أكد الوعيد بتكرير آخر، فقال: ما الامر كما يزعمون من أن الله غير محييهم بعد مماتهم، ولا معاقبهم على كفرهم به، سيعلمون أن القول غير ما قالوا إذا لقوا الله، وأفضوا إلى ما قدموا من سيئ أعمالهم. وذكر عن الضحاك بن مزاحم في ذلك ما:
27893 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك كلا سيعلمون الكفار ثم كلا سيعلمون المؤمنون، وكذلك كان يقرؤها.
القول في تأويل قوله تعالى : * (ألم نجعل الأرض مهادا * والجبال أوتادا * وخلقناكم أزواجا * وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا) *.
يقول تعالى ذكره معددا على هؤلاء المشركين نعمه وأياديه عندهم، وإحسانه إليهم، وكفرانهم ما أنعم به عليهم، ومتوعدهم بما أعد لهم عند ورودهم عليه، من صنوف عقابه، وأليم عذابه، فقال لهم: ألم نجعل الأرض لكم مهادا تمتهدونها وتفترشونها.
27894 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة ألم نجعل الأرض مهادا: أي بساطا والجبال أوتادا يقول: والجبال للأرض أوتادا أن تميد بكم وخلقناكم أزواجا ذكرانا وإناثا، وطوالا وقصارا، أو ذوي دمامة وجمال، مثل قوله:
الذين ظلموا وأزواجهم يعني به: صيرناهم. وجعلنا نومكم سباتا يقول: وجعلنا نومكم لكم راحة ودعة، تهدأون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة. وجعلنا الليل لباسا يقول تعالى ذكره: وجعلنا الليل لكم غشاء يتغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوب لابسه، لتسكنوا فيه عن التصرف لما كنتم تتصرفون له نهارا ومنه قول الشاعر: