الله: لقد أفلح من زكاها، فألقى اللام، وإن شئت قلت على التقديم، كأنه قال: قتل أصحاب الأخدود، والسماء ذات البروج.
وقال بعض نحويي الكوفة: يقال في التفسير: إن جواب القسم في قوله: قتل كما كان قسم والشمس وضحاها في قوله: قد أفلح هذا في التفسير قالوا: ولم نجد العرب تدع القسم بغير لام يستقبل بها أو لا أو إن أو ما، فإن يكن ذلك كذلك، فكأنه مما ترك فيه الجواب، ثم استؤنف موضع الجواب بالخبر، كما قيل: يا أيها الانسان، في كثير من الكلام.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب: قول من قال: جواب القسم في ذلك متروك، والخبر مستأنف لان علامة جواب القسم لا تحذفها العرب من الكلام إذا أجابته.
وأولى التأويلين بقوله: قتل أصحاب الأخدود: لعن أصحاب الأخدود الذين ألقوا المؤمنين والمؤمنات في الأخدود.
وإنما قلت: ذلك أولى التأويلين بالصواب للذي ذكرنا عن الربيع من العلة، وهو أن الله أخبر أن لهم عذاب الحريق مع عذاب جهنم، ولو لم يكونوا أحرقوا في الدنيا لم يكن لقوله ولهم عذاب الحريق معنى مفهوم، مع اخباره أن لهم عذاب جهنم، لان عذاب جهنم هو عذاب الحريق مع سائر أنواع عذابها في الآخرة والأخدود: الحفرة تحفر في الأرض.
وقوله: النار ذات الوقود فقوله النار: رد على الأخدود، ولذلك خفضت، وإنما جاز ردها عليه وهي غيره، لأنها كانت فيه، فكأنها إذ كانت فيه هو، فجرى الكلام عليه لمعرفة المخاطبين به بمعناه وكأنه قيل: قتل أصحاب النار ذات الوقود. ويعني بقوله: ذات الوقود ذات الحطب الجزل، وذلك إذا فتحت الواو، فأما الوقود بضم الواو، فهو الاتقاد. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود * وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) *.
يقول تعالى ذكره: النار ذات الوقود، إذ هؤلاء الكفار من أصحاب الأخدود عليها،