وقوله: كلا يقول تعالى ذكره: ما هكذا ينبغي أن يكون الانسان أن ينعم عليه ربه بتسويته خلقه، وتعليمه ما لم يكن يعلم، وإنعامه بما لا كفؤ له، ثم يكفر بربه الذي فعل به ذلك، ويطغى عليه، أن رآه استغنى.
وقوله: إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى يقول: إن الانسان ليتجاوز حده، ويستكبر على ربه، فيكفر به، لان رأى نفسه استغنت. وقيل: أن رآه استغنى لحاجة رأى إلى اسم وخبر، وكذلك تفعل العرب في كل فعل اقتضى الاسم والفعل، إذا أوقعه المخبر عن نفسه على نفسه، مكنيا عنها فيقول: متى تراك خارجا؟ ومتى تحسبك سائرا؟ فإذا كان الفعل لا يقتضي إلا منصوبا واحدا، جعلوا موضع المكنى نفسه، فقالوا: قتلت نفسك، ولم يقولوا: قتلتك ولا قتلته.
وقوله: إن إلى ربك الرجعي: يقول: إن إلى ربك يا محمد مرجعه، فذائق من أليم عقابه ما لا قبل له به. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أرأيت الذي ينهى * عبدا إذا صلى) *.
ذكر أن هذه الآية وما بعدها نزلت في أبي جهل بن هشام، وذلك أنه قال فيما بلغنا:
لئن رأيت محمدا يصلي، لأطأن رقبته وكان فيما ذكر قد نهى رسول الله (ص) أن يصلي، فقال الله لنبيه محمد (ص): أرأيت يا محمد أبا جهل الذي ينهاك أن تصلي عند المقام، وهو معرض عن الحق، مكذب به، يعجب جل ثناؤه نبيه والمؤمنين من جهل أبي جهل، وجراءته على ربه، في نهيه محمدا عن الصلاة لربه، وهو مع أياديه عنده مكذب به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
29160 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح. عن مجاهد. في قول الله: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى قال: أبو جهل، ينهى محمدا (ص) إذا صلى.
29161 - حدثنا بشر. قال: ثنا يزيد. قال: ثنا سعيد. عن قتادة أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى نزلت في عدو الله أبي جهل، وذلك لأنه قال: لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه. فأنزل الله ما تسمعون.
29162 - حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قول