واختلفت القراء في قراءة قوله: تزكى فقرأته عامة قراء المدينة: تزكى بتشديد الزاي، وقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة: إلى أن تزكى بتخفيف الزاي. وكان أبو عمرو يقول، فيما ذكر عنه: تزكى بتشديد الزاي، بمعنى: تتصدق بالزكاة، فتقول: تتزكى، ثم تدغم وموسى لم يدع فرعون إلى أن يتصدق وهو كافر، إنما دعاه إلى الاسلام، فقال:
تزكى: أي تكون زاكيا مؤمنا، والتخفيف في الزاي هو أفصح القراءتين في العربية. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وأهديك إلى ربك فتخشى * فأراه الآية الكبرى * فكذب وعصى * ثم أدبر يسعى * فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه موسى: قل لفرعون: هل لك إلى أن أرشدك إلى ما يرضي ربك عنك، وذلك الدين القيم فتخشى يقول: فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه.
وقوله: فأراه الآية الكبرى يقول تعالى ذكره: فأرى موسى فرعون الآية الكبرى، يعني الدلالة الكبرى على أنه لله رسول أرسله إليه، فكانت تلك الآية يد موسى إذ أخرجها بيضاء للناظرين، وعصاه إذا تحولت ثعبانا مبينا. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
28091 - حدثني أبو زائدة زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، عن محمد بن سيف أبي رجاء، هكذا هو في كتابي، وأظنه عن نوح بن قيس، عن محمد بن سيف، قال: سمعت الحسن يقول في هذه الآية: فأراه الآية الكبرى قال: يده وعصاه.
28092 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد فأراه الآية الكبرى قال: عصاه ويده.
28093 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فأراه الآية الكبرى قال: رأى يد موسى وعصاه، وهما آيتان.