وقال بعض نحويي الكوفة: ويكأن في كلام العرب: تقرير، كقول الرجل: أما ترى إلى صنع الله وإحسانه وذكر أنه أخبره من سمع أعرابية تقول لزوجها: أين ابننا؟
فقال: ويكأنه وراء البيت. معناه: أما ترينه وراء البيت قال: وقد يذهب بها بعض النحويين إلى أنها كلمتان، يريد: ويك أنه، كأنه أراد: ويلك، فحذف اللام، فتجعل أن مفتوحة بفعل مضمر، كأنه قال: ويلك اعلم أنه وراء البيت، فأضمر اعلم. قال: ولم نجد العرب تعمل الظن مضمرا، ولا العلم وأشباهه في أن، وذلك أنه يبطل إذا كان بين الكلمتين، أو في آخر الكلمة، فلما أضمر جرى مجرى المتأخر ألا ترى أنه لا يجوز في الابتداء أن يقول: يا هذا، أنك قائم، ويا هذا أن قمت، يريد: علمت، أو اعلم، أو ظننت، أو أظن. وأما حذف اللام من قولك: ويلك حتى تصير: ويك، فقد تقوله العرب، لكثرتها في الكلام، قال عنترة:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها * قول الفوارس ويك عنتر أقدم قال: وقال آخرون: إن معنى قوله ويكأن: وي منفصلة من كأن، كقولك للرجل: وي أما ترى ما بين يديك؟ فقال: وي ثم استأنف، كأن الله يبسط الرزق، وهي تعجب، وكأن في معنى الظن والعلم، فهذا وجه يستقيم. قال: ولم تكتبها العرب منفصلة، ولو كانت على هذا لكتبوها منفصلة، وقد يجوز أن تكون كثر بها الكلام، فوصلت بما ليست منه.
وقال آخر منهم: إن وي: تنبيه، وكأن حرف آخر غيره، بمعنى: لعل الامر كذا، وأظن الامر كذا، لان كأن بمنزلة أظن وأحسب وأعلم.
وأولى الأقوال في ذلك بالصحة: القول الذي ذكرنا عن قتادة، من أن معناه: ألم تر، ألم تعلم، للشاهد الذي ذكرنا فيه من قول الشاعر، والرواية عن العرب وأن ويكأن في خط المصحف حرف واحد. ومتى وجه ذلك إلى غير التأويل الذي ذكرنا عن قتادة، فإنه يصير حرفين، وذلك أنه إن وجه إلى قول من تأوله بمعنى: ويلك اعلم أن الله، وجب أن يفصل ويك من أن، وذلك خلاف خط جميع المصاحف، مع فساده في العربية، لما