ب - لقد عكف المسلمون - منذ البدء - على حفظ القرآن واستظهاره، انطلاقا من نظرتهم إلى القرآن الكريم، وشعورا بالأهمية التي يحتلها في حياتهم الاجتماعية ومركزه من الدور الذي ينتظرهم في الحياة الانسانية.
وقد تكونت نتيجة هذا الاقبال المتزايد منهم على حفظه واستظهاره جماعة كبيرة، عرفت بحفظها القرآن الكريم واستظهارها لنصه بشكل مضبوط.
ولكن السؤال عن كفاية هذه الوسيلة في جعل القرآن بمأمن عن التحريف والتزوير نتيجة للخطأ والاشتباه، أو تعرضهم لظروف وعوامل أخرى تمنعهم عن القيام بدورهم في حفظ النص القرآني من هذه الاخطار.
إن الصحابة الذين عرفوا بحفظ القرآن مهما بلغوا من الورع والتقوى والأمانة والاخلاص فهم لا يخرجون عن كونهم اشخاصا عاديين يعتورهم الخطأ والنسيان، كما أن ظرفهم التأريخي وطبيعة المسؤولية الملقاة على عاتقهم كانت تعرضهم للاستشهاد والقتل، والانتشار في الأقطار الاسلامية بغية الدعوة لله سبحانه، وكل هذه الأمور التي كانت متوقعة تصبح خطرا على النص القرآني، إذا ترك مرتبطا في حفظه بهذه الوسيلة ومرتهنا بهذا الأسلوب.
ويكفينا في تحقق هذا الخطر على النص القرآني أن يقع بعض الصحابة البعيدين عن المدينة المنورة في اشتباه معين في النص القرآني، ليقع الاختلاف بعد ذلك حينما يفقد المسلمون المرجع الأصيل لضبط النص.
ونحن هنا لا نريد ان نقول: إن هذا الشئ قد تحقق فعلا، وأن المسلمين قد وقعوا في هذا الاختلاف والخطأ، ولكن لا نريد أن نؤكد أن هذا الامر كان خطرا ماثلا يمكن أن يقع فيه المسلمون في بعض الظروف.
ج - وقد كان الرسول (صلى الله عليه وآله) يعيش مع الأمة في آمالها وآلامها، مدركا لحاجاتها وواعيا للمسؤولية العظيمة التي تفرضها طبيعة الظروف المحيطة بتكوينها