وهذه الحركة القصصية ليست بدعا في التأريخ الاسلامي فحسب بل هي رغبة عامة عاشت في مختلف العصور التأريخية القديمة منها والحديثة، وما زلنا نشاهد القصة التي تعتمد على احداث ووقائع حقيقية وتختلط بصور وتفاصيل خيالية وتستمد مقوماتها واتجاهاتها واغراضها من الواقع الاجتماعي المعاش.
ونحن وإن كنا نرغب أن نتجه في تفسير هذه الأحاديث إلى الطريقة الأولى، ولكن لا نجد مانعا من طرح هذا التفسير الاخر كأساس للدراسة الموضوعية المفصلة لهذه الأحاديث وغيرها.
وإضافة إلى ذلك كله نجد نصوصا أخرى تصرح بأن القرآن الكريم قد تم جمعه في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) بحيث تصلح ان تقف في مواجهة هذه النصوص (1).
ومن هذه النصوص ما رواه جماعة من المحدثين والحفاظ منهم ابن أبي شيبة، وأحمد بن حنبل، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والضياء المقدسي، عن ابن عباس، قال: " قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، والى براءة وهي من المئين فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر: (بسم الله الرحمن الرحيم)؟ ووضعتموهما في السبع الطوال، ما حملكم على ذلك؟ فقال عثمان: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه السورة ذات العدد، وكان إذا نزل عليه الشئ يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أول ما انزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، وقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولم يبين لنا أنها منها، فمن اجل ذلك قرنت بينهما، ولم اكتب بينهما سطر (بسم الله الرحمن الرحيم) ووضعتها