العكس من المجتمع المكي الذي كان يعيش فيه المسلمون حياة الاضطهاد، وكان المجتمع يمارس التطبيق فيه للأخلاق الجاهلية، حيث يكون المجتمع بحاجة إلى التأكيد المفاهيمي للأخلاق.
وبالنسبة للخصيصة الرابعة: نجد القصص تتناول - من حيث الموضوع - أكثر القضايا والنواحي التي عالجها القرآن الكريم، من العقيدة بالإله الواحد وعالم الغيب والوحي والأخلاق والبعث والجزاء، إضافة إلى أنها تصور المراحل المتعددة للدعوة والمواقف المختلفة منها، والقوانين الاجتماعية والتأريخية التي تتحكم فيها وفي نتائجها، والمصير الذي يواجهه أعداؤها.
والى جانب ذلك تعتبر القصة في القرآن أحد أسباب الاعجاز فيه، وأحد الأدلة على ارتباطه بالسماء، كما سوف نتعرف على ذلك.
وكل هذه الأمور لها صلة وثيقة بالظروف التي كانت تمر بها الدعوة والرسالة الاسلامية في مكة، ولها تأثير كبير في تطويرها لصالح الدعوة وأهدافها الرئيسة.
ومع كل هذا لم يهمل القسم المدني القصة مطلقة، بل تناولها بالشكل الذي ينسجم مع طبيعة المرحلة التي تمر بها، كما سوف نتعرف على ذلك عند دراستنا للقصة.
وبالنسبة إلى الخصيصة الخامسة: فقد كان لها ارتباط وثيق بجوانب مرحلية واعجازية، لان المرحلة كانت تفرض كسر طوق الأفكار الجاهلية، الذي كان مضروبا على المجتمع، فكان لهذا الأسلوب الصاعق الحاد تأثير فعال في تذليل الصعوبات، وتحطيم معنويات المقاومة المضادة العنيفة.
وحين يتحدى القرآن الكريم العرب في أن يأتوا بسورة منه، يكون الايجاز في السورة أبلغ في ايضاح الاعجاز القرآني، واعمق تأثيرا وابعد مدى.
وقد كانت المعركة - إضافة إلى ذلك كله في أولها - معركة شعارات وتوطيد مفاهيم عامة عن الكون والحياة، والايجاز والقصر ينسجم مع واقع المعركة