و (الاخطار) التي تتهددها. وهذا الادراك والوعي يكشف عنه الدور العظيم الذي قام به النبي منذ البعثة حتى وفاته عليه الصلاة والسلام، فقد عاش حياة الاضطهاد والضغط اللذين كانا وليدي قيامه بالدعوة إلى الله سبحانه وعمله على تغيير الأمة، وقلب واقعها الفكري والسياسي والاجتماعي، ومثل هذا الدور يحتاج إلى مهارة عظيمة وإدراك دقيق لواقع المجتمع، وتقدير للآثار والنتائج مع فهم للنفس البشرية وما تنطوي عليه من خير وشر.
ثم عاش حياة القيادة وسياسة الأمة وادارة شؤونها في أصعب الظروف التأريخية، حيث انشاء الدولة وتوطيد التشريع والنظام في مجتمع كان لا يعرف - الا لونا باهتا - عن كل ما يمت إلى المجتمعات البشرية المنظمة بصلة، كما كان يؤمن بمفاهيم وافكار بعيدة عن المفاهيم والأفكار الجديدة التي جاء بها الاسلام فمارس الحرب والجهاد، وبلى المكر والخداع والنفاق والارتداد، إلى غير ذلك من الأساليب والظروف المختلفة في ابعادها وآثارها.
وكان النبي (صلى الله عليه وآله) أيضا على معرفة بتأريخ الرسالات الإلهية ونهايتها على يد المزورين والمحرفين وتجار الدين، كما يصرح بذلك القرآن الكريم وينعى على أهل الكتاب هذا التحريف والتزوير.
فالانسان الذي يكون قد خبر الحياة الانسانية بهذا الشكل، وحمل أعباء الرسالة والدعوة وقاد الانسان في مجاهل الظلام، حتى اورده مناهل النور والحق لا يمكن ان نشك في ادراكه لمدى ما يمكن ان يتعرض له النص القرآني من (خطر) حينما يربط مصيره بالحفظ والاستظهار في صدور الرجال.
د - ان امكانات التدوين والتسجيل كانت متوفرة لدى الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث لا تعني هذه الامكانات حينئذ الا وجود اشخاص قادرين على الكتابة يتوفر فيهم الاخلاص في العمل إلى جانب توفر أدوات الكتابة، وليس هناك من يشك