بين الضعف وغاية القوة والمتانة (١).
وسوف نشير في بحثنا إلى بعضها، مع مناقشة ما يستحق النقد منها.
الأول: ما ذكره الشيخ محمد عبده: ان الله سبحانه انزل التشابه ليمتحن قلوبنا في التصديق به، فإنه لو كان كل ما ورد في الكتاب واضحا لا شبهة فيه عند أحد من الأذكياء ولا من البلداء، لما كان في الايمان به شئ من معنى الخضوع لما انزل الله تعالى، والتسليم لما جاءت به رسله (٢).
وقد ناقشه العلامة الطباطبائي بان الخضوع هو انفعال معين، وتأثر خاص من قبل الضعيف في مقابل القوي، ولا يكون ذلك من الانسان الا لما يدرك عظمته، أو لشئ لا يتمكن من ادراكه لعظمته وكبره، كقدرة الله وعظمته وسائر صفاته التي إذا واجهها العقل رجع القهقرى لعجزه عن الإحاطة به، وهذان الأمران غير واردين في المتشابه، لأنه وان كان من الأمور التي لا يدركها العقل ولا ينالها، ولكنه يغتر باعتقاده لادراكها وحينئذ قد يزيغ الانسان فيغتر بادراكه لكنهه، ومن هنا جاء تمحيص القلوب بالمتشابه، فإذا صدق الانسان به واستسلم له فهو قد ثبت على الايمان، وإذا اغتر به وحاول معرفة تأويله فقد زاغ قلبه. وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم حيث قال: ﴿... والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا...﴾ (3) فهو شئ تمحص به القلوب، فمن كان في قلبه مرض وزيغ اتبعه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله.
ولكن هذا التفسير انما ينفع في بعض آيات المتشابه، التي هي من قبيل مفاهيم