التنزيل يطلقهما بشكل يجعل الاحكام مختصا ببعض الآيات القرآنية، ويجعل التشابه مختصا ببعض آخر منها، كما جاء ذلك في قوله تعالى: ﴿هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا اولو الألباب﴾ (١).
ويكاد الباحثون في علوم القرآن يتفقون على تعيين معنى كل من الوصفين في استعمالهما الأول الشامل، حيث يجدون أن العلاقة التي صححت اطلاق وصف الاحكام على الآيات القرآنية كلها هي: ما في القرآن من احكام النظم وإتقانه، وما فيه من التماسك والانسجام في الأفكار والمفاهيم والأنظمة والقوانين.
كما يجدون أن العلاقة التي صححت إطلاق وصف (المتشابه) عليه هي: محض (التماثل والتشابه) بين بعضه وبعضه الاخر في الأسلوب والهدف، وسلامته من التناقض والتفاوت والاختلاف: ﴿أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾ (2).
ولكنهم اختلفوا منذ البداية حين حاولوا ان يحددوا المعنى المراد من هذين الوصفين (المحكم والمتشابه) في الاستعمال الثاني الآية (السابعة من آل عمران)، الامر الذي أدى إلى ولادة علم من علوم القرآن سمي: بالمحكم والمتشابه.
ومن الواضح أن البحث حين يدور حول فهم المعنى القرآني المراد من كلمتي:
المحكم والمتشابه في هذه الآية الكريمة لا يكون بحثا اصطلاحيا ولا شبيها بالمعنى الاصطلاحي - كما هو الحال في البحث عن المراد بالمكي والمدني - لأنه يحاول