على من دونه انتشر فصار غضبا، ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزنا، ولذلك سئل ابن عباس عن الحزن والغضب فقال: " مخرجهما واحد واللفظ مختلف ".
وفسر بعضهم " آسفونا " ب (آسفوا رسلنا)، إلا أن هذا التفسير يبدو بعيدا، ولا ضرورة لمثل هذا الخلاف الظاهري.
وهنا نكتة تستحق الانتباه، وهي أنه لا معنى للحزن والغم بالنسبة إلى الله سبحانه، ولا الغضب بالمعنى المتعارف بيننا، بل إن غضب الله يعني " إرادة العقاب "، ورضاه يعني " إرادة الثواب ".
وتقول الآية الأخيرة كاستخلاص لنتيجة مجموع ما مر من كلام: فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين.
" السلف " في اللغة يعني كل شئ متقدم، ولذلك يقال للأجيال السابقة: سلف، وللأجيال الآتية: خلف، ويسمون المعاملات التي تتم قبل الشراء " سلفا "، لأن ثمن المشتري يدفع من قبل.
والمثل يقال للكلام الدائر بين الناس كعبرة، ولما كانت قصة فرعون والفراعنة ومصيرهم المؤلم عبرة عظمي، فقد ذكرت في هذه القصة كعبرة للأقوام الآخرين.
* * *