فالبعض ذهب إلى أنه الرب الذي نزل إلى الأرض!
وبعض آخر اعتبره ابن ربه.
وآخرون بأنه أحد الأقانيم الثلاثة (الذوات المقدسة الثلاثة: الأب، والابن، وروح القدس).
وهناك فئة قليلة فقط هم الذين اعتبروه عبد الله ورسوله، غير أن عقيدة الأغلبية هي التي هيمنت، وعمت مسألة التثليث والآلهة الثلاثة عالم المسيحية.
وقد نقل في هذا الباب حديث تاريخي جميل أوردناه في ذيل الآية (36) من سورة مريم.
ويحتمل أيضا في تفسير الآية، أن هذا الاختلاف لم يكن بين المسيحيين وحسب، بل حدث بين اليهود والنصارى في المسيح، فغالى أتباعه فيه، وأوصلوه إلى مقام الألوهية، في حين اتهمه وأمه الطاهرة أعداؤه بأشنع الاتهامات، وهكذا سلوك الجاهلين وعرفهم، بعضهم صوب الإفراط، وآخرون نحو التفريط، أو هم - على حد تعبير أمير المؤمنين علي (عليه السلام) - بين محب غال وبين مبغض قال، حيث يقول (عليه السلام): " هلك في رجلان: محب غال، ومبغض قال " (1)!
وكم هي متشابهة أحوال هذين العظيمين!
وهددهم الله سبحانه في نهاية الآية بعذاب يوم القيامة الأليم، فقال: فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم (2).
نعم، إن يوم القيامة يوم أليم، فطول حسابه أليم، وعقوباته أليمة، وحسرته وغمه أليمان، وخزيه وفضيحته أليمان أيضا.
* * *