الصوفي، وعدم امتلاكه لأدوات الزينة، فقالت الآية الأولى: ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملائه فقال إني رسول رب العالمين.
المراد من " الآيات ": المعجزات التي كانت لدى موسى، والتي كان يثبت حقانيته بواسطتها، وكان أهمها العصا واليد البيضاء.
" الملاء " - كما قلنا سابقا - من مادة الملأ، أي القوم أو الجماعة الذين يتبعون هدفا واحدا، وظاهرهم يملأ العيون لكثرتهم، وقرآنيا فإن هذه الكلمة تعني الأشراف والأثرياء أو رجال البلاط عادة.
والتأكيد على صفة: رب العالمين هو في الحقيقة من قبيل بيان مدعى مقترن بالدليل، لأن رب العالمين ومالكهم ومعلمهم هو الوحيد الذي يستحق العبودية، لا المخلوقات الضعيفة المحتاجة كالفراعنة والأصنام!
ولنر الآن ماذا كان تعامل فرعون وآل فرعون مع الأدلة المنطقية والمعجزات البينة لموسى (عليه السلام)؟
يقول القرآن الكريم في الآية التالية: فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون وهذا الموقف هو الموقف الأول لكل الطواغيت والجهال المستكبرين أما القادة الحقيقيين، إذ لا يأخذون دعوتهم وأدلتهم بجدية ليبحثوا فيها ويصلوا إلى الحقيقة، ثم يجيبونهم بسخرية واستهزاء ليفهموا الآخرين أن دعوة هؤلاء لا تستحق البحث والتحقيق والإجابة أصلا، وليست أهلا للتلقي الجاد.
إلا أننا أرسلنا بآياتنا الواحدة تلو الأخرى لإتمام الحجة: وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها (1).
والخلاصة: أننا أريناهم آياتنا كل واحدة أعظم من أختها وأبلغ وأشد، لئلا يبقى لهم أي عذر وحجة، ولينزلوا عن دابة الغرور والعجب والأنانية، وقد أريناهم بعد معجزتي العصا واليد البيضاء معاجز الطوفان والجراد والقمل والضفادع