تناسب التفسير الأول أيضا، كما فصلنا ذلك في التفسير الأمثل، في ذيل هذه الآية (1).
وقد وردت روايات في هذه الآية في المصادر الحديثية، وستأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ثم تطرقت الآية الأخيرة إلى نفي عبادة الأصنام وإبطال عقائد المشركين بدليل آخر، فقالت: واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون؟
إشارة إلى أن كل أنبياء الله قد دعوا إلى التوحيد، ووقفوا جميعا ضد الوثنية بحزم، وعلى هذا فإن نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم) في مخالفته الأصنام لم يقم بعمل لم يسبقه به أحد، بل أحيا بفعله سنة الأنبياء الأبدية، وإنما كان عبدة الأصنام والمشركون هم الذين يسيرون على خلاف مذهب الأنبياء.
وطبقا لهذا التفسير فإن السائل وإن كان نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله وسلم)، إلا أن المراد كل الأمة، بل وحتى مخالفيه.
والمسؤولون هم أتباع الأنبياء السابقين، أتباعهم المخلصون، بل ومطلق أتباعهم، إذ يحصل الخبر المتواتر من مجموع كلامهم، وهو يبين دين الأنبياء التوحيدي.
وينبغي التذكير بأنه حتى المنحرفين عن أصل التوحيد - كالمسيحيين الذين يؤمنون بالتثليث اليوم - يتحدثون عن التوحيد أيضا، ويقولون: إن تثليثنا لا ينافي التوحيد الذي هو دين جميع الأنبياء! وبهذا فإن الرجوع إلى هذه الأمم كاف في إبطال دعوى المشركين.